قصر غمدان ارتبط قصر غمدان في التاريخ اليمني بتاريخ مدينة صنعاء وبانيها سام بن نوح عليه السلام، وهو نفسه الذي بنى قصر غمدان ويقول اشهر مؤرخي اليمن ابو محمد الحسن الهمداني في مؤلفه المعروف (الاكليل) ان قصر غمدان هو أول قصور اليمن واعجبها ذكراً وأبعدها صيتاً، والذي اسس غمدان وابتدأ بناءه وحفر بئره هو سام بن نوح. وتقول الرواية ان سام بن نوح فكر في السكن في ارض الشمال. فأقبل طالعاً من الجنوب، يرتاد اطيب البلاد، حتى صار الى الاقليم الاول، فوجد اليمن اطيبه مسكناً، وارتاد اليمن فوجد حقل صنعاء اطيبها، فوضع مقرانه- وهو الخيط الرفيع الذي يقدر به البناء اذا مد بموضع الاساس- في ناحية «فج عطان» في غربي الحقل، مما يلي جبل عيبان، فبنى الركن الذي يوضع عليه الاساس. فلما ارتفع الركن، بعث الله طائراً اختطف المقرانة وطار بها وسام يتبعه لينظر أين يسقطه، فتوجه الطائر الى جيوب النعيم (الجيوب ما ارتفع من الارض ودون الهضبة) من سفح جبل نقم، فوقع بها، فلما اقترب منه، طار بها وطرحها على حرة غمدان (الحرة بلهجة اهل اليمن هي الارض المدرجة في المرتفعات) فلما استقرت المقرانة على حرة غمدان، علم سام انه قد امر بالبناء هناك، فأقام قصر غمدان، وحفر بئره. الآن، لم يبق من غمدان غير موقعه قبالة الباب الاول والثاني من ابواب الجامع الشرقية، اما ما بقي منه فهو تل عظيم كالجبل. وكان غمدان حسب وصف المؤرخين يتكون من عشرين سقفاً غرفة بعضها على بعض، وقد اختلف الناس في الطول والعرض، ويرى انه كان الى جانب القصر نخلة تسمى«الدامقة سحوق» تطرح بأغصانها الى بعض إبهائه. وفيه يقول محمد بن خالد من الحديث الى وهب « لما بنى غمدان صاحب غمدان، وبلغ غرفته العليا. اطبق سقفها برخامة واحدة، وكان يستلقي على فراشه في الغرفة فيمر بها الطائر فيعرف الغراب من الحدأة من تحت الرخامة، وكان على حروفيه اربعة تماثيل لأسود من نحاس مجوفة، فاذا هبت الريح فدخلت اجوافها سمع لها زئير كزئير الأسد». وفي دراسة تاريخية لها تقول الباحثة اليمنية فاطمة الصافي عن قصر غمدان انه من اشهر قصور اليمن في صنعاء، وكان ممتداً شرقاً من شرق الجامع الكبير الى حد مسجد الحميدي الموجود الآن، كما يظهر من بعض وثائق الوقف القديمة. وفي الطول من الجنوب. من قرب باب اليمن الى حد مسجد الشهيرين، ويتفق البكري وياقوت الحموي على ضم اول حروفه وسكون ثانيه «غُمْدان». وقد اتخذ من القصر مسكناً ومقر الملك اليمني سيف بن ذي يزن بعد انتصاره على الاحباش. واختلف الرواة كعادتهم في رواياتهم عمن بنى غمدان. فروى الغريري ان بانيه حام بن نوح، وزعم آخرون ان الذي بناه هو بيو راسب، على اسم الزهرة. وقال ابن هشام ان الذي بناه يعرب بن قحطان واكمله بعده وائل بن حمير بن سبأ بن يعرب وروي أن مؤسسه آزال بن قحطان بأمر أخيه يعرب، أما الهمداني كما ذكرنا سابقاً فقد جعل بانيه سام بن نوح، وسرد قصة بنائه التي اوردناها. وحصنك هنا تعني: حصنت فحمير تبدل تاء المتكلم بالكاف، وهي لهجة سائدة حتى اليوم في بعض مناطق اليمن. وقد جعل المسعودي«غمدان» خامس بيت من البيوت المعظمة، ونقل مانسجه الرواة حوله من اساطير وحكايات فعندما اراد اسعد بن يعفر ان يبني غمدان، اشار عليه يحيى بن الحسين الحسيني الا يتعرض لشيء من ذلك، اذ كان بناؤه على يدي غلام يخرج من ارض سبأ وارض مأرب، يؤثر في صنع هذا العالم تأثيراً عظيماً، ولعل هذا ارتبط في ذهنهم بمجيئ المهدي المنتظر من اليمن، او ما تعارف اليمنيون على تسميته بالمنصور. وتبارى الرواة في وصف القصر وابراز عظمته، فقيل انه كان مربعاً، اركانه مبنيه بالرخام الملون، وفيه سبعة سقوف طباقاً، ما بين السقف والآخر خمسون ذراعاً. وقد انتقد الهمداني هذه الرواية والمبالغة فيها. وروى بعضهم انه ضم عشرين سقفاً، كل سقف على عشرة اذرع. وكانت غرفة الرأس العليا مجلس الملك. وفي زواياه الاربع اسود من نحاس اصفر، خارجة صدورها، فاذا هبت الريح في اجوافها زأرت كما يزأر الاسد، وفي البيت الثاني اشارة الى وجود الساعة في قصر غمدان واستعمال قدماء اليمنيين لها. وذكر الالوسي وجود غرف شهيرة في غمدان يسمونها«المحاريب» وكانت محكمة البناء ومن ضمن ما ذكره الرواة عن قصر غمدان ان ملوك اليمن كانوا اذا جلسوا في اعلى هذا البنيان ليلاً واشعلت الشموع رأي الناس ذلك من مسيرة ثلاثة ايام. ومما ذكره المؤرخون والرواة عن هذاالقصر العجيب ان غمدان هو البناء الذي ذكره سبحانه وتعالى في قوله«لايزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم) فلما نزلت هذه الآية ارسل رسول الله صلوات الله عليه وسلامه فروة بن مسيك المرادي ليهدمه، فلما اراد هدمه لم يقدر عليه حتي احرقه بالنار، ولم يهدم الا بعد وفاة الرسول. ومما يذكر ان المفسرين في تفسيرهم الآية المذكورة لا يذكرون هذا التفسير، فقد ذكر الطبري ان البناء المقصود هو مسجد المنافقين. ويتفق معه الزمخشري في هذا التفسير. وروي عن عمر بن الخطاب قوله: «لا يستقيم امر العرب مادام فيها غمدانها» وهذا القول هو الذي حض عثمان على هدمه. وروى ياقوت الحموي: «زعم كهان اليمن، ان من يهدم غمدان يقتل، ولذلك علل قتل عثمان». وعندما يتأمل المرء في الروايات حول «قصر غمدان» منذ انشائه حتى هدمه، يجده اسطورة او رمزاً لما انجزته اليمن، وتلك كانت نظرة الشعراء اليه، والا ما ظفر بكل تلك الاشعار، وما لهج بذكره الشعراء بين معتز ومفتخر، وبين متحسر وآسف على ماض عريق، واكتنفته الحكايات والخرافات، فانشاؤه قررته قوة غيبية لا دخل لبيانه فيها حيث تبع الطائر فختاره وهدمه ايضاً قررته قوة غيبية لايستطيع الفرد ردها، ففروة ابن مسيك يمني لا يمكن ان تجبره قوة على هدم بناء اعتز به قومه الا تبعاً لقوة دينية عميقة. ويبقى في النهاية ان «قصر غمدان» شاهد آخر على الحضارة اليمنية القديمة التي سادت في ذلك الجزء من الجزيرة العربية الى جانب الشواهد الاخرى مثل سد مارب، وعرش بلقيس وغيرها. ومثلما اعاد اليمنيون بدعم من صاحب السمو الشسخ زايد بن سلطان آل نهيان بناء سد مأرب العظيم معجزة التاريخ اليمني، فهل سيعيدون بناء قصر غمدان الذي لم يظفر قصر في التاريخ العربي بالشهرة التي ظفر بها هذا القصر العجيب، ليبقى هو الآخر رمزاً من رموز الحضارة االعربية القديمة؟ قد يكون ذلك ممكناً، خاصة ان اخباراً صحفية كانت قد نشرت منذ فترة عن الاتجاه لاعادة بناء قصر غمدان في نفس موقعه القديم. وباسهام مشترك لمجموعة من المغتربين اليمنيين وحسب علمنا، فإن دراسات اولية قد تمت بهذا الخصوص. وتم وضع المجسم المقترح لبناء القصر الجديد. (كما هو واضح في الصورة). الاَّ انه كما يبدو فان الفكرة لم تجد طريقها الى التنفيذ، خاصة في ظل المتغيرات والظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها اليمن مؤخراً، وعودة الكثير من المغتربين الى بلادهم نتيجة لاحداث الخليج التي عصفت بالمنطقة مؤخراً. وفي كل الاحوال تبقى الفكرة قائمة امام المستثمرين اليمنيين وغيرهم، في ظل قانون الاستثمار الجديد الذي فتح المجال واسعاً امام الاستثمار لليمنيين والعرب والاجانب، في جميع المجالات الصناعية والزراعية والسياحية وغيرها .
مَ'ـع تَحيآتَي
Pr!ncess
مُششآركآتي : 379 العمر : 29
موضوع: رد: قصَر غَمدَآنْ "~ 2/9/2010, 2:41 am
... أششكرك يا عسسل على المعلومااات الروووعة ميغسي قلبوو ...